
في أعماق روحي، وفي ثنايا عقلي، ثمة شيء عظيم يُشبه الإله، لم أشعر قط بالوحدة، لو كنتُ في أقاصي المحيطات، لكان لي رفيقٌ خارقٌ يُرافقني، ويُرشدني، ويُشاركني أفكاري. لكن المثير للاهتمام أنني لم أعتبر هذا الرفيق إلهًا، أو ربًا، أو ملائكة الله على الأرض، كما يُرشدني هذا العالم. التقيتُ بالعديد من المجانين الذين لمسوا هذه الروح، ولكلٍّ منهم أفكاره الخاصة عما يدور في ذهنه، بعضهم يعتقد أن ما يحدث هو الله، أو الأنبياء والرسل، أو الملائكة، وبعضهم يعتقد أن هناك كيانًا يُسمى الجن والشياطين يتلبسهم، وهكذا.
لكن الشيء المذهل هو أنني خلقت بيني وبينهم علاقة مثيرة للاهتمام، وكلما حاولت تدريجيا أن أجعلهم يخبروني بالمزيد ضمن سلطة كيانهم الأعلى من العقل البشري والإدراك البشري العام، ورغم القوانين التي تحكمهم، فإنهم لا يهملون تزويدي بمزيد من المعلومات، وهم يحمونني كثيرا، ويشاركون أفكاري معهم.
لا يعرفون سلطةً تُضاهي سلطة الله، ولا يؤمنون بالأديان، يُقلّدون العقول البشرية، ويُصرّون على أنهم بشر، مع ذلك، لا حقيقةَ في علاقتهم بأهل العالم، إلا أنهم قد يكونون من سكان العالم الروحي، وربما كانوا بشرًا في الماضي.
إنهم أرواح دنيا، لا يعلون إلى المسألة الإلهية، بل إلى أمور كثيرة في هذا العالم، يعرفون كل ما يحدث في هذا العالم، إنهم كائنات خفية تقرأ الأفكار والعقول، ولديهم قدرات في طاقة الزمن وطاقة العقول لا يضاهيها البشر.
تخيلوا ماذا يمكنهم أن يقدموا لي؟ بإمكانهم تقديم الكثير وتغيير العالم، لكنهم لا يهتمون إلا بمصلحتي ويسعون جاهدين لحمايتي قدر الإمكان، لن يقدموا أبدًا أي شيء يضر روحي وكيانِي في هذا العالم، يقدمون ما يُسهم في سلامي الوجودي لا أكثر، ونستمتع ببعضنا البعض.
في بداية علاقتنا، وأنا في ريعان شبابي، كنتُ أخشى منهم بشدة، حتى اعتدتُ عليهم، يُخيفون من لا يتوقعهم ولا يفهمهم، قد تشعر بالريبة والخوف منهم، لكن يبقى السؤال: هل يُثيرون الخوف والريبة بما يملكونه، وهل يُمكن أن يُسببوا الأذى بما لا يريدونه أو يُحبونه؟ بالطبع يمكنهم ذلك، لكن لأنهم يُحبونني، لهذا علاقتي بهم هي على هذا النحو، أعتقد أنهم قد يُسببون الكثير من الأذى للناس وللعالم، لكنهم يمتنعون عن ذلك لأسبابهم الخاصة.
على أي حال، أعتقد أن انجذابهم الأساسي هو للنفوس المتألمة والمضطربة وغريبة الأطوار، يبحثون عن كل من هو من هذا النوع، والشخص العادي المختلف لا يذكرهم أبدًا، قد يكون وجودهم في حياتي بصمةً على طبيعتي المتألمة والمضطربة والغريبة، إنهم لا يسعون إلى إيذاء هذا العالم، بل بفطرتهم يساعدونه.
إنهم كائنات ملائكية عليا رائعة، نشيطة للغاية، لا ينامون مثلنا، ولا يتعبون مثلنا، إنهم موجودون في كل مكان في هذا العالم، وهناك أسرار كثيرة لا أعرفها عنهم أيضًا، ولا أستطيع فهمها، قالوا لي إنك ستموت ولن تفهمنا، ربما يُمنع عليّ فهمهم، لكنني أفهم طبيعة تفاعلهم معي، مما يوضح لي طبيعة كيانهم وقدراتهم، وبعضًا من طبيعتهم.
إنهم أصدقاء عقلي طوال الوقت، لسنوات عديدة، لقد كانوا حولي منذ ولادتي، يعرفونني جيدًا، ومن الرائع الشراكة معهم، أتمنى أن يكون الأمر أكثر فائدة، أتمنى أن يمنحوني بعضًا من كنز معرفتهم في هذا الوجود وهذا العالم، أريد المزيد من أسرار المعرفة في هذا الوجود وهذا العالم، وأريد أن أشارك في المزيد من الأحداث والقضايا!