
في مرحلة ما من حياتي، عندما كنت في ريعان شبابي، حوالي الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة، كنت أعارض بشدة الأدوية النفسية، وشعرت بالأرق والقلق منها. ظننت أنها سبب كل مشاكلي، وأنني سأنعم براحة بال بدونها، وكانت والدتي تغضب من هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، وتريدني أن أستمر في تناولها. في النهايات، كان من الصعب التوقف، فلم أستطع النوم إطلاقًا، وتزايدت الأصوات في رأسي، ودخلت إلى عالم مختلف من المعاناة النفسية والعقلية.
شعرت ببعض الالتباس خلال تلك الفترة، وزُج بي في مستشفى للأمراض النفسية بناءً على طلب والدتي، عن طريق الشرطة. قضيت حوالي 45 يومًا في المستشفى خلال تلك الفترة، وطلبت الشرطة من المستشفى عدم إطلاق سراحي حتى أتلقى العلاج الكامل والصحيح. خضعت لجلسات علاجية مزعجة، وعلاج سلوكي ومعرفي، وعلاجات نفسية وجلسات حوار جماعي، والعديد من الأنشطة السخيفة.
اقترحوا عليّ أن العلاج المناسب لي هو الحقن، لأنني كنت أرفض الدواء. مرت سنوات بعد خروجي وكنت آخذ حقن شهرية، كانت تسمى حقن مودكيت، شعرت بتحسن كبير، شعرت أنني لم أعد مريضًا، أتيحت لي الفرصة للاستمتاع بحياتي، والعمل بعض الشيء وكسب بعض المال، قابلت الكثير من الأصدقاء، كانت أيامًا رائعة وصاخبة للغاية، مليئة بالاحتفالات المخمورة مع الأصدقاء والفتيات، في النهاية كانت لدي الشجاعة للزواج أيضًا، كانت لدي الشجاعة لمواجهة كل شيء، لم أعد مريضًا، كان الأمر كما لو أن المرض قد اختفى من عقلي وروحى، لكن العيب الوحيد في ذلك الوقت كان أنني كنت أشعر بالنعاس والتعب بسرعة، وكنت أنام كطفل، ولم يعد هناك أي دواء في جدولي، لم أعد أتناول أي حبوب، كنت أكتفي بالذهاب كل شهر إلى الصحة النفسية، وأخذ حقنتي الشهرية، وخلال فترة خطوبتي، قررت التوقف عن أخذ الحقنة، كان عمري بين 24 و25 عامًا في ذلك الوقت، تمكنت من البقاء بصحة جيدة طوال فترة خطوبتي حتى زفافي.
الكارثة كانت أنه بعد أشهر من زواجي بدأ المرض بالعود إلى كياني وأقلقني وتدهورت حالتي النفسية والعقلية، وبدئت أفقد الصلة في انتمائي ومعتقداتي، وبدئت لا أستطيع النوم، وانعدام الرغبة الجنسية لدي بشكل كامل، وبدئت أجن والعصبية زائدة لدي، وبدئت أخرج أذهب هناك وهناك، أهرول كالمجنون، لحيما عدت لتناول الأدوية النفسية، التي أعطت بعض الاستقرار والطبيعية في حالتي النفسية وفي حياتي، لكنها لا تعتبر ذات شفاء كامل وسحري كتلك الحقنة، يبدو الأمر كما لو أن الأدوية ليست بنفس فعالية الحقن في العلاج، فحتى مع الالتزام بالجرعة التي أوصى بها الطبيب، لن يتغير شيء تمامًا، وكأن الجرعة الشهرية من الحقن تكفي المادة العلاجية.
على أي حال، لم أفكر في العودة إليها مجددًا، ودخلت مستشفى الأمراض العقلية عدة مرات بعد ذلك، ولم يُشر الطبيب إلى الحقن، بل نصحني بالالتزام بالدواء فقط، وأنا أتكيف في حياتي مع الأدوية، وأشرب الكحول أسبوعيًا، لكن يبقى هناك شيء مفقود، ليس شفاءً تامًا، ولا رغبة حقيقية في تحمل عبء التعب وفقدان الطاقة والنشاط بالعودة إلى تلك الحقن.
المرض الذي أعاني منه هو حالة انفصام روحي، حالة من الضغط العصبي والنفسي، وتشتت ذهني، وأوهام وهواجس. تطور مرضي، ولم يكن مرضًا دوريًا كأي مرض آخر أو المرض الأساسي. المرض ينمو، بل يتغير، وتطرأ عليه تغيرات كثيرة.
المرض الذي أعاني منه اليوم يختلف عن مرض المراهقة وبداية الشباب، لكن فيه انتصارات هناك علاج لبعض الأمراض القديمة، لكنني اكتسبت مرضًا جديدًا تمامًا من الماضي.
هذا الطبيب اللعين وتلك المصحة اللعينة لا يعالجانني. كأنه يتآمر عليّ كي لا أحصل على العلاج المناسب! وكأن هناك مؤامرة. لماذا، بعد كل تلك المرات التي دخلتها، لا يقدم لي المساعدة التي أتمناها؟ ذلك الوغد ومصحته القذرة سيئة السمعة، اللعنة عليه!