ما حدث لي في تجربتي الأخيرة في المصحة العقلية
أفضل ما حدث لي في تجربتي الأخيرة في المصحة العقلية.. كانت تجربة الرفقة الروحية.. التي أراحتني في حالتي.. وتحدثت معي كثيرا وأظهرت لي العالم كله الذي أنا به ومن حولي، وقدمت لي المساعدة والدعم المستمرين، لم أكن مجرد سجين لا حول له ولا قوة يصلي فقط ويحصي الأيام، لقد منحوني قوة عظيمة جدًا في تلك الأيام والليالي القاسية، مملكة من الأرواح العليا التي كانت تعتني بي وتحرسني، وتفضلني كثيرا.. مما يجعلني أتساءل لماذا أعطيت هذا.. صحبة وقدرات من سلطة تعلينا فوق كل هذا العالم، سلطة ترى وتفهم كل ما يحدث في هذا العالم.. ولا يخفى عليها سر في هذا العالم كله، أنه سلطان المختارين والقديسين والأنبياء والرسل، قد أعطيت شيئاً عظيماً لا أفهمه، أو بالضبط ما هو عليه.
على أية حال، أود أن أتحدث قليلا عن الأحداث التي شهدتها في تلك المصحة العقلية.. الأحداث المؤسفة والمأساوية واللاإنسانية التي تجري في دار رعاية تابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة بيت لحم.. وما يحدث هناك من أعمال وانتهاكات غير قانونية وغير إنسانية، طبعا لفتت انتباهي كإنسان، والسؤال أين المسؤولون عن ذلك ولماذا يسمحون بحدوث كل هذه التصرفات، بغض النظر أولاً عن الظروف الأساسية البائسة لتلك المصحة، ظروف بائسة حقاً من حيث النظافة والطعام والنظام، بما في ذلك أنهم يضعون جميع حالات المرضى منهم المسنين وبجميع أنواعهم، بعضهم خطير مع بعضهم البعض.
لقد شاهدت ممرضين من الطاقم الطبي يضربون المرضى، كما شاهدتهم وهم يربطون مريضاً بالحبال على السرير طوال اليوم بينما كان يصرخ في وجهي وعلى الجميع (أرجوكم، فقط دعوني أذهب إلى الحمام، سوف أتبول على نفسي) ، وشهدت كبار السن يقضون حاجتهم! في أي مكان وعلى أنفسهم.. شاهدت أيضا مرضى يتشاجرون بعنف مع بعضهم البعض.. دون أي مبالة من الطاقم الطبي.. وشاهدت بعض الممرضين من الطاقم الطبي يضربون المرضى على سبيل المزاج فقط.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من هنا
ناهيك عن الحرمان من السجائر والطعام.. ثلاث وجبات في اليوم بلا طعم ولا ملح.. ولا يوجد حتى صابون.. ولا حتى كوب نظيف للشرب منه.. وأيضاً شرب الماء الساخن من الحمام، لا يوجد ماء بارد. ناهيك عن قذارة بعض الممرضين في الطاقم الطبي وسوء معاملتهم لنا.
والأدهى من ذلك أن المرضى لا يحصلون على أدويتهم الكافية حسب النظام وفي كافة الأيام، بسبب ضعف التمويل لربما.
كل هذا يحدث، أنه يحدث في مستشفى بيت لحم للأمراض النفسية والعقلية، التابع لـ السلطة الفلسطينية، مع العلم أنه عندما يأتي زائر رسمي أو مهم، يصبحون بشراً آخرين، ويخلقون مسرحية في المصح، وليس كالواقع.
مما حدث معي شخصياً، رفضوا علاجي في اليوم التالي في مقابلة الطبيب، وأخبرني الطبيب أنه يجب التنسيق مع عائلتك لتحويلك إلى مستشفى الإدمان والتأهيل، رغم أن لدي سجل طبي سابق خارج نطاق الإدمان، ولدي حالة مرضية مسبقة يتم قبولها وعلاجها، يريدون أن يرسلوني شخصيا مع حالة طبية موجودة مسبقا، خارج إطار الإدمان، من مسؤوليتهم، حتى يتمكن مستشفى الإدمان والتأهيل من الاعتناء بي، لا أعرف لماذا؟!، لكن عائلتي رفضوا ذلك رفضاً قاطعاً وتشاجرت معهم مما أجبرهم على إبقائي هناك لمدة شهر.
أعتقد أن هذا المصح يجب أن يكون موضع مساءلة قانونية من قبل القائمين عليه والمسؤولين عنه من السلطة الفلسطينية التابعة لوزارة الصحة، وأن تركه على هذه الحالة، غير قانوني وغير إنساني، من غير المعقول أنه في عصرنا لا تزال هناك مصحات عقلية بهذا السوء!