
كنتُ قديمًا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة، باحثًا عن صديق حقيقي مثلي، يعرف ما مررتُ به وما أمرُّ به، لكنني لم أجد من يشبهني، أو يُقرُّ بأنه مثلي ويمرُّ بما يُشبه تجاربي الروحية والمرضية، ولم أجد من يُقدِّم معلوماتٍ جديرةٍ بالاهتمام في العالم الروحي، حتى في التجارب الشخصية على مواقع ما وراء الطبيعة، كلُّ شيءٍ خياليٌّ ومُختلق، ولا يُشبه الواقع الذي أمرُّ به، ولا يوجد من يُفصح عن تجاربه الشخصية والروحية والمرضية، هناك من يخجل أو يشعر بالعار من الاعتراف بالحقيقة.
حتى أن هناك من مرّ بظروف استثنائية، لكنه يتردد في نشرها، خوفًا من اتهامه بمرض نفسي أو عقلي. وهناك من يشعر بجوانب مرضية، ويخجل ويشعر بالعار من مناقشتها مع أي شخص، وهذا خطأ. لا يوجد ما يستدعي الشعور بالخجل والحرج في الواقع، والمشكلة هنا تتفاقم، ويستحيل حلها. عندما نواجه أنفسنا بصراحة ونعترف بها ولا نشعر بالخجل أو العار، سنجد بالتأكيد الخلاص من المشكلة التي نمر بها.
على الرغم من كبر العالم وصغره وسهولة التواصل بين الناس في جميع أنحاء العالم، إلا أنني لم أجد بعد شخصًا مثلي أو يمر بظروف مماثلة لما أمر به.
ولكنني أعلم أنني لست الوحيد في هذا العالم الذي يمر بمثل هذه الظروف الاستثنائية، وأعتقد أن هناك الكثير من الأشخاص مثلي يمرون بشيء يتعلق بالأشياء التي أمر بها.
أعلم أيضًا أن هناك الكثيرين حول العالم ممن لم يختبروا ظروفًا استثنائية تُشبه الظروف التي أمر بها، ولا يعرفون عنها شيئًا. يندهشون ويرتبكون عند معرفتهم بمثل هذه الأمور، ويتكهنون ويختلقون أسبابًا لعدم صحتها، وأنها ناجمة عن مرض نفسي أو روحي أو عقلي. هذا خطأ فادح وكذب.
لماذا يُخفي الناس ما أمرّ به سرًا حين يمرّون به؟ ربما لأسبابٍ عديدة غير الخجل والإحراج. لماذا يُفضّلون الصمت وعدم الاكتراث بما يحدث لي وللآخرين ولهم؟
لماذا لا يشاركون أفكارهم حول هذه الأحداث الاستثنائية التي تحدث؟ على الجميع أن يساعدوا في ترسيخ الحقيقة، ومشاركة الأحداث الاستثنائية التي تحدث تساعد العالم على فهم المشكلة، وتساعد الآخرين على الشعور بأنهم ليسوا وحيدين، وأن هناك حقيقة كامنة وراء كل ما يحدث.
كلما وجدت نفسك وحيدًا في كل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها، ولا أحد يشاركك فيها حقًا، تظن أنك الوحيد في هذا العالم الذي يمر بمثل هذه الظروف، وأنك فريد ومميز من نوعك وأنك مختار لهذا العالم، وأنك تركز على أهمية كل هذه الأشياء التي تحدث، لا أحد يهتم أو يشارك، وكأنك الوحيد في العالم الذي يعاني من هذه المشكلة ويمر بهذه الظروف الاستثنائية.
أما جانب الظروف المرضية، يعاني الكثير من الناس حول العالم من أمراض نفسية وعقلية، ويخجلون ويشعرون بالعار من الاعتراف بها ومشاركتها مع أي شخص، وكأنها وصمة عار يحملونها كلما اعترفوا بها، وهذه مشكلة كبيرة، وليس لها حل. عندما نعترف بالمشكلة، يصبح الحل أسهل، وعندما لا نعترف بها، تتفاقم. هذا العالم قاسٍ وصعب، وظلاله تثقل كاهل الجميع، وليس من العار الشعور بالمرض النفسي والعقلي في هذا العالم المضطرب، فهذا العالم هو تمهيد للمرض والاضطراب، وهو عالم مضطرب للغاية، والحياة ليست عادلة لأحد.
أما أنا، فلا أشعر بأيٍّ من هذا، ليس لدي خجلٌ أو إحراجٌ من الاعتراف بالحقيقة التي أمرّ بها، سواءً في ظروفٍ استثنائيةٍ أو مرضية. بل أجعلها واجهةً لمشاركة أفكاري مع الآخرين، وتنميتها لتصبح شيئًا نافعًا لهذا العالم، وأعتقد أنني بارعٌ جدًا فيما أفعله بهذه الطريقة.
أخيرًا، أدعو الجميع لمشاركة ظروفهم الاستثنائية معي ومع الجميع، وطلب المساعدة في أي طارئ في هذا العالم المضطرب والقاسي. لا داعي للشعور بالخجل أو العار. انطلقوا ورسخوا الحقيقة في جميع أنحاء العالم، ولا تستمروا في كتم هذه الأمور، لمساعدة الآخرين، وحتى لا نشعر بأننا وحدنا في هذا العالم، الذين يمرون بظروف استثنائية وأمراض، لكي يصبح هذا العالم أكثر وضوحًا للجميع، لكي يستفيد الجميع ويشعروا بنوع من السعادة والراحة من ذلك.