
خلال إحدى مراحل انفصام الشخصية التي مررتُ بها قبل عدة سنوات، كنت اقضي الوقت بشكل يومي بالقرب من ثكنات جيش الدفاع الإسرائيلي، وزرتُ مناطق محظورة، وحاولتُ دخول الأراضي الإسرائيلية دون تصريح قانوني، وكنت أذهب للتسوق في مستوطنة غوش عتصيون في تلال الخليل بالضفة الغربية. احتُجزتُ مؤقتًا عدة مرات وأُطلق سراحي بعد ساعات، حاولتُ مرارًا الاختباء في الحافلات، حافلات المستوطنين، وحافلات خط بيت لحم – القدس، دون جدوى، في إحدى المرات، في وقت متأخر من الليل، عبرتُ ثغرة في الجدار العازل باتجاه المنطقة الجنوبية من الأراضي الإسرائيلية وصرت لساعات وصولًا لمنطقة بئر السبع، وأمضيت أيامًا هناك.
خلال تلك المرحلة الانفصامية، لم يحلوا لي الذهاب إلا إلى هذه المناطق الخطرة. كانت البلاد مستقرة، ولم تكن في حالة حرب، وكنت أحظى بنوع من التعاطف والسلمية. لكن في هذه الأيام، أعتقد أن تكرار مثل هذه التجارب أمرٌ خطيرٌ للغاية، منذ حرب غزة في 7 أكتوبر، لم أستطع دخول الأراضي الإسرائيلية إطلاقًا، لا بالتحايل على القواعد ولا حتى بتصاريح قانونية، مُنعتُ تمامًا من الدخول، مع أن هذه الأراضي عزيزة على قلبي وروحي وعقلي، وأحببتُ الذهاب إليها منذ الصغر، لكنني حُرمتُ من ذلك.
كنت أجلس أيضًا أمام ثكنة عسكرية قرب منزلي المستأجر القديم، كنت حينها أعاني من انفصام حاد في الشخصية، كنت أخرج كل يوم، حاملًا زجاجات الكحول والموسيقى الصاخبة وسماعات الأذن، وأجلس أمامها لساعات، أسكر وأرقص. وعندما يحل الظلام، كنت أعود إلى المنزل ثملًا، وأنام.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
في تلك الأيام، أتذكر أنني اعتُقلت في كمين للشرطة الفلسطينية، أو المخابرات العامة، أو إدارة مكافحة المخدرات، لا أذكر من، إلا أنهم اعتقلوني في سيارات خاصة وسيارات شرطة، وانهالوا عليّ ضربًا، واقتادوني إلى مركزهم في مدينة الخليل. لم أفهم شيئًا مما كان يحدث في تلك الليلة، كانت الشكوى كاذبة، وكل كلامهم كذب، لم يحدث شيء مما اتهموني به، وأعلم أن السبب هو حالتي المضطربة في الشوارع والأزقة، وجلوسي مقابل ثكنة الجيش، كانت لديهم أوامر باعتقالي. في النهاية، وضعوني في مستشفى للأمراض العقلية لمدة أسبوعين بناءً على طلب عائلتي.
لم أشعر بالأمان أو السلام في تلك المدينة اللعينة حيث كنت أقيم في منزل مستأجر. لم يعجبني الأمر، ولم يكن لديّ المال الكافي للذهاب إلى مدن أخرى، شعرتُ برغبة في اللهو مع جيش الدفاع الإسرائيلي، وشعرتُ بالراحة الروحية بجانبهم، فشربتُ الكثير من الكحول بجانبهم. اللعنة عليهم، ربما كانوا هم من تواصلوا مع السلطة الفلسطينية أو قبل مع بعض العملاء في الشارع.
كانت هناك أوقات لم أكن فيها على ما يرام، كانت حالتي النفسية والعاطفية مضطربة، كنت أعاني من انفصام حاد في الشخصية، وكنت أشرب الكثير من الكحول القوي، وإلا لما فكرت بالذهاب إلى هناك، وهذا شيء جديد في حالتي في السنوات المتقدمة الأخيرة، لم أتصرف بهذه الطريقة طوال حياتي المرضية، ورائحة الجيش الإسرائيلي كريهة، إنهم لا يستحقون رفقتي، ولا يستحقها أولئك الفلسطينيون الملعونون، من العار على أن أقضي كل هذا الوقت بجانبهم.
على أي حال، أفتقد أيام ما قبل الحرب، هذه الحرب مستمرة منذ زمن طويل، وبعواقب وخيمة، أثرت على حياتي بشكل كبير ومؤلم، أشعر بالحرية بصعوبة بالغة، أريد استعادة حياتي الطبيعية، وأريد حريتي. لقد سئمت من هذا السجن!