
لم يفهم هذا العالم قط معنى العيش بسلام، على مر التاريخ، امتلأ هذا العالم بالحروب والوحشية، بُني العالم الحديث على أنقاض الحربين العالميتين، ولم يفهم العالم معنى السلام حتى يومنا هذا، لا تزال الحروب قائمة، والدمار في كل مكان. لقد أنتج هذا العالم صورًا كثيرة لشخصيات بشرية شريرة، أعظمها في النهاية شخصية هتلر، هذا نتاج التراث الإنساني المروع، لا يوجد منتج جيد للشخصيات المسالمة أو المجتمعات المسالمة، الجميع، في النهاية، يصطدمون بالنوايا الشريرة وينشرون الفساد في هذا العالم، ويسببون الدمار من جديد. نحن كائنات شريرة في داخلنا، نوايانا وأفكارنا شريرة، ولسنا بارعين في العيش بسلام، ولا في بناء عالم يسوده السلام والرحمة، ولا في تمجيد مبادئ الوجود والبقاء والمحبة والسلام. علينا أن نؤذي أنفسنا وهذا العالم، وأن نُظهر الجانب الشرير من طبيعتنا البشرية.
لا يزال العالم إلى يومنا هذا ينشر الكراهية والنوايا الشريرة، وكلما اشتعل فتيل الحروب، وفي أدنى مستويات الحياة البشرية نجد الكراهية والشر، في كل مكان حولنا ينتشر الكراهية والشر، ويتشبث الجميع بمبادئ لا تخدم مصالح السلام الإنساني، مزيد من الدماء ومزيد من الحروب ومزيد من أدنى الكراهية والشر في المجتمع البشري. وكأننا مجانين في عقولنا شريرة وسوء نية، ولا نتكامل مع المصلحة العامة للإنسانية ومصالحنا الشخصية، وليس لدينا قلب يتفق مع العقل من أجل البر والمنطق، ومجانيننا نحن البشر كثر في هذا العالم الفسيح، وكأننا مرضى في عقولنا وأرواحنا ، ولا نستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، فنحن كائنات مريضة وشريرة في الأصل، ورغم التقدم في هذا العالم إلا أن العالم لم يصنع شيئاً جيداً بعد، فكل الوسائل الحديثة التي نستخدمها لا تزال تردد كرة الكراهية والشرور والصراع، وتعبر عن نوايانا الشريرة والخبيثة، ولا ننجح في جعل العالم يتجه نحو الخير والسلام والمحبة والعقل والمنطق ورحمة القلب والروح.
إن المزيد والمزيد من الكراهية والشر وتعبيرات الشر الفطري في النفس البشرية تنتشر كالنار في الهشيم، ولا أحد ينجح في إيصال رسالة من شأنها إنقاذ العالم من هذا التيار الشرير. ويسعى العالم إلى تقوية أسلحته لمواجهة هذا الأمر والانجراف وراء الدمار والخراب الذي يصيب هذا العالم، وترسيخ المبادئ والأفكار التي تغذي كل هذا الشر والأذى الذي يصيب هذا العالم.
في النهاية، علينا أن نستفيق من دوامة شرورنا الداخلية، وأن نكف عن إلحاق المزيد من الشرور والأذى بهذا العالم، علينا أن نحسن معرفة أنفسنا ومراجعة أنفسنا بدقة، وأن ندرك أن هذه الطرق والمسارات التي نسلكها خاطئة، لنواجه حقيقة وجودنا، وحقيقة كل شيء، ولنتوقف لحظات تأمل طويلة ونسأل أنفسنا: لا شك أن هناك خطأً وأخطاءً نعيش بها ويعيش بها هذا العالم. لعلّ هناك عالمًا أفضل بكثير من هذا العالم القذر الذي نعيش فيه، ينبغي أن يكون هدفنا في صميم الحقيقة والمصلحة العامة من أجل وجودنا ووجود إخواننا البشر، لنتأمل في ضياع أنفسنا وجنون عقولنا وأرواحنا، ولنعترف بأننا، في الواقع، مرضى جدًا! لنقدس وجودنا ونعلم أننا نريد حياةً بسلام، وأن الحياة التي نعيشها في نهاية المطاف هي موت، لا نعرف بدايته ونهايته، علينا جميعًا أن نعيش بسلام، كما نتمناه لمن نحب.