
لقد مررتُ بالعديد من الظواهر العقلية الخارقة للطبيعة في حياتي، ولم أتوقع قط أنني عندما أُصاب بالمرض، سأواجه هذا الكم الهائل من الحالات الخارقة للطبيعة والشاذة، مررتُ بجميع التجارب المعروفة، وتجارب مجهولة أيضًا، ولم تكن جميعها واضحة لي، وأحيانًا لم أكن في حالة تسمح لي بدراسة طبيعة هذه الحالات والتجارب التي كنت أمر بها.
كل هذه التجارب، عندما تم تفعيلها في ذهني، تطلبت مني أن أكون مستيقظًا لفترة طويلة، وألا أنام لعدة أيام، وأن أكون قد توقفت عن تناول الأدوية النفسية والعقلية، وأن أعاني من أعراض الانسحاب، وأن أكون في حالة سُكر أحيانًا، وفي حالات نادرة، أن أتناول المخدرات غير المشروعة أيضًا.
في بعض الأحيان لم أكن أشرب الكحول أو أتناول المخدرات، كان يكفي أن أبقى مستيقظًا لفترة أو حتى لا أبقى مستيقظًا، أعتقد أنه كان كافيًا أن أعبث ببعض الأدوية النفسية والعقلية التي كنت أتناولها، للحصول على بعض المشاعر النفسية والعقلية في ذلك الوقت، مما فتح الباب لي لألمس تجارب وحالات خارقة للطبيعة، وكل ذلك كلما اجتمع معًا للدخول في تلك الحالات والتجارب.
أتذكر إحدى الحالات، كان سمعي مضطربًا، وبدأت أسمع تشويشا مستمر وموجات صوتية متضاربة، وكأنني أستمع إلى تلامس كهربائي متضارب، وكنت أسمع أصواتًا كثيرة تتحدث معي، وكانت الحيوانات تتحدث معي، والأشخاص من حولي، كنت أقرأ أفكارهم وحركاتهم العقلية، وشعرت بحالة خارقة للطبيعة من الوعي المسبق بكل ما يحدث حولي.
كذلك، خلال فترات عدم النوم، ومحاولات النوم، كلما أغمضت عينيّ، تنفتح أمامي عدسة صورة ذهنية خارقة للطبيعة، أرى عوالم كثيرة لم أرها من قبل، كأنني في غابات شاسعة خلابة، وجبال شامخة، وشلالات شاهقة، وأرى ديناصورات، وحيوانات جديدة لم أرها من قبل، ومركبات غريبة تسبح في الهواء، ما دمت منسجمًا مع المشهد، وكلما ظهرت إشارة في المكان الواقعي المحيط بي، تتلاشى الصورة وترسل صورة أخرى لما يقترب مني، لهذه العدسة قدرة خارقة على التنبؤ بما سيحدث من حولي مسبقًا. ربما كان العالم الذي أراه في العدسة واقعيًا بعض الشيء، وليس مجرد خيال.
في تلك الأيام، عندما كنت أستخدم هاتفي الذكي وجهاز الكمبيوتر المحمول، وأتصفح الإنترنت وأتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانت تلك الأجهزة الإلكترونية تتجسد في ذهني، كنت أشعر بالإشعارات الواردة مُسبقًا، أو قبل ورود مكالمة، وعندما كنت أقرأ شيئًا ما، كنت أشعر وكأنني أستقبل المعلومات مُسبقًا في ذهني قبل الوصول إلى السطر أو الفقرة التالية، وعندما كنت أستمع إلى الصوت أو الفيديو أو الراديو، كنت أشعر بتواصل غير طبيعي وساحر مع الأصوات التي أتفاعل معها وأشاهدها. كان الناس يتحدثون معي عبر الراديو والتلفزيون، وكنت أشعر أيضًا بتشويش ترددات محطات الراديو مُسبقًا في ذهني، كنت أشعر بداخلي بطبيعة ما سيحدث، سواء من خلال التسجيلات أو حتى المرئيات والصوتيات المباشرة.
لقد حدثت لي العديد من الأحداث السحرية والخيالية الأخرى أو حدثت خلال إحدى المراحل التي مررت بها في التجارب والحالات العقلية الخارقة للطبيعة، لدرجة أنني كنت أرى الأشباح والغابات والجبال الشاهقة والشلالات والحيوانات والمخلوقات الخيالية ليس فقط داخل عدسة ذهني، ولكن في كل مكان من حولي.
تسطع الأنوار كثيرًا في الأماكن عندما يدخل عقلي هذا العالم. أعتقد أن هذه الأنوار جزءٌ من جدارٍ تفاعلي، أو حراسٌ لهذا العالم الخيالي الساحر. هذه الأنوار كائناتٌ خارقة للطبيعة، ولا بد أن تكون حاضرةً بوفرةٍ عندما يدخل العقل هذا العالم أو عندما يكتسب المرء بصيرةً فيه. هذا العالم ليس مجرد خيال، بل هناك أرواحٌ تسكنه، وهي الأنوار.
لم تتركني الأنوار أبدًا في حياتي، فهي لا تزال هناك حتى في حالاتي الذهنية الصافية، ولكن بشكل أكثر هدوءًا وتوهجًا، حركة هادئة ومنظمة وخفيفة، لا تزال متصلة بعقلي حتى يومنا هذا، في حالاتي الذهنية المختلفة.
ليست الأنوار مجرد أجسام مضيئة، بل هي كائنات ذات أرواح، تتفاعل مع العقل في كثير من حالاته، وهي مفتاح أسرار هذا العالم. ليست مجرد أنوار بلا معنى ولا حقيقة، وحقيقتها مجهولة لمن رآها بنفسه، ولا أظن أحدًا يعرف حقيقتها كاملة بعد.
إن الأنوار ليست الوحيدة في هذا العالم، والتي تعمل في هذا العالم، بل هناك أرواح خفية أخرى تنطق بالصوت، وترسل العديد من الرسائل للعالم الحقيقي وذلك العالم. الأنوار والناطقين بالصوت ككل هم كيان واحد له حضور في عالمنا وفي ذلك العالم، وربما في كل هذا الكون الشاسع هم موجودون، ولديهم العديد من الأسرار الأساسية التي يمكنهم تقديمها للعالم، وربما سيقدمون لي المزيد.
وأما سبب حدوث ذلك في هذا العالم الحقيقي والقوى العقلية الخارقة وبصيرتي وارتباطها بهذا العالم، بهذه الطبيعة الغريبة المجهولة للعالم الحقيقي، هو أن هذا العالم الذي نحن فيه هو جزء من ذلك العالم الذي رأيته ودخلته في ذهني، ولكن هناك حجب على جميع العقول في الحالات الطبيعية لمنع الدخول إلى هذا العالم، ولكن هذا العالم السحري الغريب يبقى جزءًا من وجود عالمنا، ولكننا نحتاج إلى وسائل للمرور من خلاله والبصيرة فيه، وأن كل هذا العالم يعمل بالطاقة والتردد الذي لمسته، ويمكن استكشاف عالم مختلف تمامًا في هذا الوجود، ويمكننا استخدام عقولنا لاستكشاف هذا العالم، فعقولنا أكثر إثارة للدهشة واستثنائية مما نعرفه.
ليس من الآمن للجميع أن يحاولوا الانغماس في هذا العالم ذهنيًا بهذه الوتيرة، لم أكن في حالة جيدة في تلك الأوقات التي عشتها واستكشفت فيها ذلك العالم، لم أكن أعرف ما كان يحدث وما سأختبره، لم أكن في حالة وعي طبيعية، بل في حالة بائسة. من الصعب على العقل والروح الولوج إلى ذلك العالم دون قواعد آمنة. لقد شعرتُ بدهشة حقيقية في تلك الأوقات، وفي حالة نفسية وعقلية صعبة. من الرائع أنني استرجعتُ الكثير من المعلومات والتجارب المتعلقة بذلك العالم والتي ما زلت أذكرها في كتاباتي.
إن وجود هذا العالم يفتح أفقًا للعديد من الأفكار حول حقيقة هذا العالم ووجودنا ككل، وحقيقة العديد من الحكايات، وأين كنا قبل الولادة، وأين سنذهب بعد الموت، ووجود كائنات خفية في عالمنا وذلك العالم، وطبيعة الطاقة العجيبة التي تمتلكها عقولنا وهذا العالم، قد تعطينا بصيص أمل بوجود حياة أخرى خارج إدراك وجودنا الحالي في الماضي وفي المستقبل، وأن كل شيء سيكون على ما يرام، فكما جئنا إلى الوجود ويوجد هذا العالم بإدراكه وخياله وعجائبه السحرية، سنجد شيئًا جيدًا في حقيقة هذا الوجود وما يليه.