
إذا فكرت في الأمر، فإن الأديان لا تريد منك أن تفكر في الأشياء، لأنك إذا فعلت ذلك، ستجد الكثير منها مشبوهًا، وكلنا نعلم أن الإسلام يحرم التفكير في الذات الإلهية. لقد طلب نبي الإسلام محمد من أتباعه أن يفكروا في عظمة خلق الله هذا ونهى عن التفكير في الله نفسه. الأديان بشكل عام تنهينا عن التفكر في العديد من الأشياء.
إذا تأملنا الله نفسه، نجد أننا لا نستطيع أن نعرف شيئاً أو ندرك شيئاً عن طبيعة هذا الإله، وكيف يكون ذلك ممكناً، وأن هذا الإله يفوق التصور والإدراك، ولا يتصور أن يهتم بشئون البشر بهذه الطريقة. فالأديان تصوره لنا كإنسان، أو رجل حكيم، أو ملك، أو رجل غاضب، يتمتع بصفات إنسانية كاملة، لا يعقل أن تكون هذه الصفات لهذا الإله.
إذا واصلنا التأمل في هذا الإله، فقد نستنتج أنه غير موجود، أو أنه من غير الممكن أن يوجد، أو أنه لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان موجودًا أم لا، وأنه لا يوجد شيء يشير لوجوده، هناك أشياء موجودة، وجميع هذه الأشياء الموجودة ليس بالضرورة أن تشير لهذا الإله الذي لا نعرفه، وعرفنه بطرق غامضة ومعقدة مجهولة.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من هنا
لنأخذ على سبيل المثال الدعوة لعبادة الله واعطائه الحب من كل القلب والنفس والفكر، يوضح لنا أن هذا الإله يحتاج إلى بعض الأشياء، يحتاج إلى تملكنا وعبادته، وهذه أمور تعتبر غريبة وغير سليمة، بالنسبة لكيان خارق للطبيعة قادر على كل شيء ولا يحتاج إلى شيء، إذن هذا الإله يبدو أنه يحتاج إلى الكثير، مما يجعله إلها فقيرًا محتاجًا لنا.
من الطبيعي أن هذا الإله الخارق للطبيعة والقادر على كل شيء، والذي لا ينقصه شيء، لا يحتاج إلى أي من هذا، ولا يحتاج منا أن نعرفه أو نحبه أو نعبده. ولذلك، عندما نفكر في هذه الذات الإلهية، نستنتج في النهاية أن الإله الذي تدعونا الأديان إلى الإيمان به هو إله مصطنع وغير حقيقي، وأنه لا علاقة له مباشرة بافتراض وجود أي كائن إلهي خارق للطبيعة خالق كل شيء حولنا وخالقنا.
لماذا منعنا الدين أو الإسلام على وجه الخصوص من التأمل في الذات الإلهية، واعتبرها وساوس من الشيطان لتضليل الناس؟ لأننا في الحقيقة عندما نتأمل هذه الذات الإلهية سنكتشف أشياء كثيرة غامضة، واستحالة أن يكون الإله الذي تدعونا إليه الأديان هو الإله الذي نستطيع أن نفكر فيه، وكل الأشياء التي نتفكر بها في هذا الإله تناقض الإله الذي تدعونا الأديان إلى الإيمان به على أنه هو خالق كل شيء، وهو بداية كل شيء.
كأن الدين حين يطلب منك عدم التفكير في الذات الإلهية أو الشك فيها أو الشك في التعاليم الدينية يريد أن يبعدك تماما عن الحقيقة، فبأي حق نقيد التأمل والبحث من أجل الحقيقة؟ لعل التأمل في الذات الإلهية أو ما وراءها يجعلنا نشعر بالدهشة والحيرة والعظمة، وأن وجودنا لغز لا حل له بعد، وأن هذه الأديان بعيدة كل البعد عن حقيقة الوجود والخلق ككل.
إن للأديان أهدافاً: السيطرة عليك، وتضليلك، وإبعادك عن وضوح الحقيقة. إنهم يريدون منك أن تكون تابعاً مخدراً، لا أكثر، تصدق كالأحمق ما تعلمك إياه وتوجهك إليه.
إن الدعوة إلى عدم التأمل في الذات الإلهية والتشكيك فيها وما تدعونا إليه الأديان هي دعوة كاذبة لإبعاد الناس عن الحقيقة، وليس من حق أحد أن يحثك على عدم التأمل والتحري من أجل الحقيقة المطلقة.