
وُلدتُ لأبٍ وأمٍّ فلسطينيين، يُعتبران عائلةً فلسطينيةً عربيةً مسلمةً. مع ذلك، لا أشعر بأنني فلسطينيٌّ حقيقي، بل أنا متأكدٌ من أنني لستُ عربيًا ولا مسلمًا، لا تهمني جذوري العربية والفلسطينية، لكن لديّ مبدأٌ أنني وُلدتُ في هذه الأرض ومن روحها، أنا أنتمي إلى هذه الأرض، وكذلك الفلسطينيون الذين وُلدوا فيها، إنهم من روحها. مع ذلك، أؤمنُ بأنني، وكل فلسطيني، يجب أن نحترمَ الحق التاريخي للشعب اليهودي في هذه الأرض، وأنهم سكانها الأصليون.
قد يقول قائل إن غالبية مواطني دولة إسرائيل هم من أرواح بلاد أخرى، ولماذا عادوا إلى أرضنا؟ لقد عادوا بسبب يهوديتهم القديمة، يعتقدون أنهم يهود حافظوا على جذورهم في جميع أنحاء الشتات حول العالم. إذا كنا سننجر إلى هذا القول، فليعد كل فلسطيني عربي ومسلم إلى بلده العربي، الذي ليس فلسطين، كل هذا ليس حكمة وحلول تافهة، أعتقد أن روحنا في هذه الأرض، منذ أن ولدنا في هذه الأرض، نحن من روح هذه الأرض، هذا ما أؤمن به، أنا من روح هذه الأرض، ولست روحًا عربية مسلمة من مكان آخر، يجب أن أحترم تاريخ هذه الأرض، أنا شخص مسالم يجب أن أعترف بالحق التاريخي للشعب اليهودي في هذه الأرض، يمكنني حتى الانضمام إلى دولة إسرائيل بالكامل، وليس عليّ أن أكون يهوديًا، يمكنني أن أنتمي إلى من يستحق هذه الأرض بأيديولوجيتي الفكرية وإلحادي.
هناك رؤية أخرى، وهي أن في هذه الأرض عوامل واقعية، وأن هناك مشاكل يجب حلها، وأعتقد أنها ستُحل عندما نتحلى بالحكمة والإيمان، ويجب أن نكسر دائرة الشر في البلاد، ونتجه نحو الإصلاح والتنمية فيها لما فيه خيرها، يجب أن نوقف دائرة الصراع وننظر إلى المستقبل، يجب ألا ننظر إلى الماضي كما نراه، بل نقبل الواقع الجديد في هذه الأرض، وواقع هذه الأرض هو دولة إسرائيل العظيمة، فلننضم إليها، ونتصالح معها، وننهي دائرة الصراع، وننطلق نحو مستقبل مشرق. أعتقد أن الأنسب في هذا الواقع المضطرب هو إعلان الانتماء والسلام مع هذه الدولة، وبذلك نكون قد أوقفنا دائرة الصراع التي لا تجلب الخير ولا المستقبل المشرق، وتستمر في معاناة أهل هذه الأرض.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
كيف يعتقد الفلسطيني اليوم أن له حقًا في هذه الأرض؟ إنه يعتقد خطأً أن له حقًا فيها؛ فهو عربي مسلم قبل أن يعتقد أنه فلسطيني مولود من روح هذه الأرض، وهذا يدل على أن الفلسطيني لا حق له في هذه الأرض من هذا المنظور، فاليهودي أحق بها. الفلسطيني لا يتأمل جيدًا في جذوره التاريخية في هذه الأرض، لم يعد الفلسطيني يكترث لأصله الفلسطيني، وكأن جميع الفلسطينيين ينحدرون من قبائل عربية، أين يُذكر الفلسطيني في التاريخ؟ لا نجده اليوم بالطبع.
أعتقد أن هذه دوامة لا طائل منها، لا تؤدي إلا إلى تفاقم الصراع وتفاقم معاناة الشعب، علينا أن نكون حكماء ونواجه الواقع المُلِحّ على هذه الأرض بالمصالحة والسلام والانطلاق نحو مستقبل جديد ومشرق، ولأن إسرائيل هي الدولة العظمى في هذا البلد، فإن الحل يكمن في التوافق الكامل معها. أقصد الشعب الفلسطيني هنا، وليس ذلك العربي المريض الذي يهتف للأقصى والموت لليهود وإسرائيل، بينما لا علاقة له بذلك الأحمق.
نلاحظ أيضًا موجةً في العالم العربي تبحث عن جذورها الأصيلة، البعيدة كل البعد عن العروبة، أعتقد أن هذه موجةٌ ورؤيةٌ جيدةٌ للجميع، هذا التعقيد في الانتماء العربي لا يُسبب إلا مزيدًا من المشاكل، ويحرم كل شعبٍ حقه في وطنه الأصلي. أين تذهب الجذور الفلسطينية الأصيلة؟ أين ذهبت جذور أجدادنا في هذا البلد؟ هل قتلهم العرب المسلمون؟ أم أجبروهم على اعتناق الإسلام.
في الختام، الرسالة موجهة إلى أبناء هذه الأرض، الذين وُلدوا فيها، فلنكن حكماء ومسالمين، ولنضع حدًا لدائرة الصراع العقيمة التي لا تجلب إلا المزيد من المعاناة، فلنتجه نحو الإصلاح والسلام، والإيمان بالإنسانية فوق كل اعتبار، وأننا جميعًا، يهودًا وفلسطينيين، هذه أرضنا، فلنزدهر فيها، نحو مستقبل مشرق، ولنهزم الأعداء الآخرين، ولنصحح لهم طريق الحق والعدل، ولنحفظ مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، ولنوقف الصراع.
ملاحظة: المحتل ليس بالضرورة من يفرض النظام بالقوة، بل أيضًا من يستوطن أرضًا ليست له، حتى لو كان ضعيفًا. يُقال إن عائلتي الفلسطينية ترجع أصولها إلى قبيلة حرب القحطانية اليمنية، والعديد من العائلات الفلسطينية الأخرى ترجع أصولها إلى قبائل عربية من مختلف أنحاء العالم العربي، فلماذا لا تسأل نفسك من هو المحتل الحقيقي لهذه الأرض؟ قد يكون الفلسطينيون أنفسهم.