
لم أسافر خارج بلدي قط، ولا أشعر أنني مستعد نفسيًا للسفر، لديّ نوع من الرهاب الاجتماعي تجاه الغرباء، وخاصةً تجاه الأشخاص من أعراق مختلفة. إذا رغبتُ في السفر، فأنا بحاجة إلى ظروف مناسبة، مثل تقديم الكحول طوال الرحلة، والإقامة في فندق يوفره أيضًا، هذا من الناحية النفسية. هناك أيضًا الجانب المالي، فأنا لا أملك المال الكافي لتغطية تكاليف السفر، وتكاليف سفري تحديدًا باهظة، لا أحب السفر ضمن مجموعات سياحية، أفضل السفر بمفردي أو مع عائلتي.
من الجيد أنه في بعض الأحيان سُمح لي بالتجول في بلدي، لكن لم تُتح لي الفرصة للسفر في كل مكان في بلدي، في ظل قوانين سيئة تطبقها دولة إسرائيل ضد كل كيان فلسطيني، لمجرد أنني فلسطيني تُمارس ضدي العنصرية والقوانين الخبيثة والشريرة، فأنا أعيش في الضفة الغربية، والأسوأ من ذلك أن الضفة الغربية سيئة للغاية وغير جميلة، وتبدو كسجن كبير مليء بالثكنات العسكرية والبناء العشوائي، ومعظم مداخل المدن والقرى مغلقة ببوابات حديدية ونقاط تفتيش سيئة.
كلما سُمح لي بالتجول بحرية في البلاد، كنت أتجه نحو الأراضي الإسرائيلية، كما لو كنت قد سافرت إلى بلد جديد، حيث كنت أتجول في المدن الإسرائيلية، وأمارس حريتي الممتعة.
منذ بداية هذه الحرب اللعينة، ازدادت كل هذه الأنظمة في الضفة الغربية قسوة، ولم يعد يُسمح لي ولغيري الكثيرين بدخول الأراضي الإسرائيلية، لقد ألغوا جميع تصاريح الدخول، ويسمحون بالدخول لكبار السن في الأعياد لأسباب إنسانية، ولا يسمحون لي وللكثيرين غيري بالدخول.
هذه هي قوانين إسرائيل الملعونة والخبيثة، التي تمارس سياسة الاحتلال بامتياز، وبأبشع الأساليب.
أيُّ شيءٍ أسوأ من هذا الوطن اللعين، الذي تحكمه إسرائيل، ويُصنّف كيانًا فلسطينيًا معاديًا؟ هناك الكثير من الكراهية والعنصرية والتعصب لدى كلا الجانبين، هناك أصواتٌ من الشرور والأرواح الشريرة تعلوا في هذا الوطن، تطالب بالشر والضرر للآخرين من كلا الجانبين، هناك أرواحٌ يهودية وفلسطينية تستمتع بنشر التعصب والتطرف والعنصرية، وكأنها تستمتع بإيذاء المواطنين، وهناك من يُصفّق لها.
إن حجم العداء والكراهية والتطرف بين هذين الشعبين تجاه بعضهما البعض قد خلق هذا النظام السيئ والقاسي والخبيث. إنهم يكرهون بعضهم البعض، ولا يستمعون إلى صوت السلام والرأفة ببني الإنسان، وليس لديهم الحكمة لوقف دائرة العنف والشر في هذا الوطن الملعون، لقد كانوا يجرون الوضع إلى التدهور لفترة طويلة، والوضع يزداد سوءًا مع مرور الوقت أكثر من ذي قبل، إنهم لا يتجهون نحو رياح التغيير نحو الأفضل والحل والسلام، إنهم يتجهون نحو أبشع الأنظمة وسفك الدماء أكثر من كل مرحلة سابقة، مما يجعلني أتساءل عما إذا كان المسلمون العرب الفلسطينيون أناسًا قذرين وشريرون للغاية، واليهود الإسرائيليون أقذر منهم، ويبدو أنهم لا يفهمون أنه يجب إيقاف هذا المسار برمته.
إن إعلان الحرب في أقصى جنوب البلاد لا يعني أن الحرب تشمل البلاد بأكملها، وأن العقاب الأعمى يشمل جميع المواطنين في جميع أنحاء البلاد، علينا اليقظة وأن نعيد ترتيب الأمور بعقلانية ومنطقية، وبالأسلوب الصحيح، وأن نتحلى بالحكمة والصبر والتروي في خضم الحرب.
ما شأن العالم كله بوطني؟ يهينون هذا الوطن لأجل الحجارة، والأنبياء والرسل، والأرض المقدسة، هذه أوهام كاذبة. هذا الوطن ليس ملكًا لأيٍّ من الدول المجاورة أو العالم، بل هو لمن وُلدوا وعاشوا فيه، لمن بنوه وتمسكوا به، هو ملكٌ لهذا الجيل في هذا العصر، على الجميع أن يتركوا وطني وشأنه ويهتموا بشؤونهم.
في النهاية، علينا أن نكون يقظين ونستجيب لدعوات التغيير، ونتخلى عن الشرور والأعمال الخبيثة، ونعيد البلاد إلى حالها الذي يرضي الجميع، وأطلاق سراح حريتي وحرية الجميع، وأن ينال الجميع الحقوق والعدالة، ولا يشعر أحد بالظلم والعداء، وعدم الأمان في هذا الوطن.