
هل هناك مبرر لقتل المدنيين في غزة؟ أم تعتقدون أنها مجرد سياسة وحشية يتبعها أناس لا يفقهون شيئًا في الإنسانية ويتلذذون بقتل الأبرياء؟ هذا في الواقع غير صحيح، لو أتيحت لإسرائيل فرصة أخرى، غير هذه، لتحقيق أهدافها الحربية، لما أقدمت على هذا السلوك، ناهيك عن أن وجه العداء في غزة، إرهابيو حماس وأمثالهم، يختبئون بين المدنيين، بل يرتدون ملابس مدنية، ويتجولون بينهم لتنفيذ أهدافهم العدائية. لماذا يستمتع الإنسان بقتل الأبرياء بهذه الطريقة المأساوية؟ الشيطان نفسه لن يفعل ذلك، من غير المعقول أن تكون إسرائيل بهذه القسوة. في قرارة نفسي، أعتقد أن هذا الافتراض خاطئ، وأن سياسة القتل والتدمير وسيلة لكسب الحرب بأقل تكلفة ممكنة وبأسرع وقت، إنهم يلجأون إلى العقل والمنطق لتحقيق النتيجة المرجوة في الحرب، وتغيب العاطفة في ظل فشل الدولة في مواجهة هذا العداء. قد تظن أن هذا سيُرضي المتطرفين اليهود مصاصي الدماء. هل اليهود مصاصو دماء؟ بالطبع لا، سعادتهم تكمن في النصر، لا في سفك الدماء، إنهم يريدون النصر ويريدون استعادة شرف وطنهم، لكنهم ليسوا بذلك السوء الذي يتلذذ باستباحة الدماء كيفما كان.
إن قتل أهل غزة، الذين يُشكلون شبكة عنكبوت العداء، ضروريٌّ للنصر، لذا، يجب قتل أهل غزة لأنهم لا يريدون حلاً آخر، بإمكان أهل غزة أن يثوروا على حماس، أو أن يتعاونوا مع دولة إسرائيل منذ البداية، أو أن يغادروا هذه الأرض التي لم يتمكنوا من الحفاظ عليها طويلاً.
الحفاظ على أرواح المدنيين خدعة عالمية نجدها في الأفلام التي تُصوّر سياسة النظام العالمي، عندما يكون الوضع حرجًا وبالغ الصعوبة، لا أحد يكترث بحياة مدني بريء، الهدف الأساسي هو تحقيق النصر، لقد ألقوا قنبلة نووية على هيروشيما، وهم يُسابقون الزمن لتسليح أنفسهم بأقصى ما يُمكن، ويُجهّزون أسلحة دمار شامل تحسبًا لأي طارئ، كان بإمكانهم تدمير غزة بسلاح نووي منذ البداية، لكن ربما يتعارض هذا مع بعض القوانين الأخرى، لهذا السبب خاضوا هذه الحرب الطويلة، لا تُصدّقوا أن للحياة البشرية أي قيمة في مثل هذه الظروف. هناك أولويات لا يكترث بها أحد في العاطفة الإنسانية والرحمة بالآخرين، وأعتقد أن جميع الدول، بما فيها الدول العربية، تدرك ذلك، هذا مفهوم وواضح للجميع، في مثل هذه الحالات، يكون العقل والمنطق هما الاعتباران الأوليان، ونضع الاعتبارات الإنسانية جانبًا.
لا مجال للبكاء أو التوسل لأحد في مثل هذه الظروف، الخلاص يكمن في تغيير الواقع العدائي على الأرض، أو السعي لتجنبه، لا قيمة لأهل غزة في فهم هذه القواعد، إذ لم يفهموا كيفية تجنبها أصلًا، وهم الآن عاجزون عن تغييرها، لإنقاذ أنفسهم، يجب على أهل غزة أن يثوروا على حماس في كل مكان من قطاع غزة، وأن يستسلموا لأكبر قوة في هذا البلد، إسرائيل، لكن بالطبع، هؤلاء أناس غير مؤهلين لمثل هذه الثورات وتغيير الواقع، في الواقع، قد لا يكترث هذا الشعب بمغادرة غزة أو عدم مغادرتها. المهم هو إنقاذ حياتهم، لهذا السبب دمرواهم!