هذيان في الخطر: لماذا أرغب بالسُكر عند حافة المستوطنات اليهودية؟.. فلسطيني لا يشبه مكانه ولا أهله!
أشعر برغبة عارمة في الابتعاد عن الأماكن التي أرتادها عادةً. أرغب في الخروج إلى المناطق المهجورة والخطرة خارج المدينة، بعيدًا عن السكان وجميع مظاهر الحياة. يراودني شعور قوي بالرغبة في الذهاب إلى هناك، لكنني أقاومه، وأحيانًا أفقد رباطة جأشي وأغادر.
أعيش هنا في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، في مناطق مجزأة ومُقسّمة. هناك العديد من الشوارع والطرقات المشتركة أو المملوكة للمستوطنين اليهود. أشعر برغبة في البقاء بالقرب منهم، وأن أسكر معهم، وقد يكون هذا خطيرًا. بين الحين والآخر، تسمع عن شاب يُفقد حياته في تلك الأماكن، ولا تعرف السبب الدقيق أبدًا.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
هؤلاء اليهود المتطرفون قبيحون جدًا، أشرار جدًا، كما لو أنهم يتوقون لإيذاء أي شيء فلسطيني أو عربي. إنهم مليئون بالتطرف والعنصرية تجاههم، وكارهون جدًا. يجب أن يشمئزوا من شرورهم. إن أيديولوجية هؤلاء وكراهيتهم العمياء تفوح منها رائحة كريهة. لكنهم سيطروا عليّ كثيرًا ولم يؤذوني قط، كما لو كانوا يعرفونني. لم يسبق لي في حياتي كلها، وسط ضجيج الحياة وتوقعاتها، وفي لقائي بالعديد منهم أو ذهابي إلى أماكنهم، أن ظلمني أحد منهم قط.
هذا جانب واحد. أريد أن أبتعد عن المناطق الفلسطينية. أنا أيضًا أكره الفلسطينيين، حتى لو وصفتُ لكم حقيقة وضعهم على الجانب الآخر من اليهود. هذا لا يعني أنني أتفق مع هذا الفلسطيني. أنا لا أحبه ولا أحب بلده. أنا ممنوع من دخول الأراضي الإسرائيلية منذ عامين، مع العلم أنني منذ طفولتي عشتُ نمط حياتي بحرية الذهاب إلى هناك متى شئت، وقد نشأتُ على هذا النمط.
أي أنني أرغب حاليًا بالذهاب إلى تلك الأماكن، وهناك العديد من الأماكن الخالية المخصصة للفلسطينيين بعيدًا عن هؤلاء اليهود. هناك العديد من البراري والجبال التي تحميني من اليهود، لكنني أشعر في أعماق روحي وقلبي برغبة في الاستمرار بالاقتراب من الأماكن التي يتواجد فيها اليهود. أريد أن أسكر بجانبهم. أشعر بروح رائعة هناك، كما لو أن روحًا قد تملكتني في هذه الأراضي التي تربطها علاقة وطيدة باليهود، حتى وإن أذوني. لا أعرف إن كنت بأمان بالطبع، لكنني أشعر برغبة عميقة في ظل أيام الحرب بالتواجد في تلك الأماكن، ولا أستمتع بالتجوال في مناطق الفلسطينيين.
لو أتيح لي الذهاب للأراضي الإسرائيلية في هذه الأيام لكان ذلك سيغنيني عن التفكير في الذهاب لهذه الأماكن.
لا أعرف بالضبط ما هي مشاعري؛ إنها مشاعر مُشفرة. أحب المساحات المفتوحة، وأحب المساحات المفتوحة في الأحياء اليهودية. كما أحب الخروج إلى الأحياء اليهودية الصاخبة. لا أحب البقاء في الأحياء الفلسطينية. أحب أشياءً عديدة، لكن هناك شيء واحد يربطها ببعضها، وهو اليهود.
لماذا أحب الأماكن الفلسطينية؟! إنها لا تشبهني إطلاقًا. طابع أماكنهم يشبههم لا أنا. اليهود يشبهونني. قد لا يشبهني بعضهم في بعض الأماكن، لكنني أحب روح وجودهم في كل مكان. يبدو الفلسطينيون قبيحين في نظري. لقد جعلوا أماكنهم أسوأ منهم، وأذوني كثيرًا بطرق مختلفة. إنهم متخلفون جدًا، وعاداتهم وأساليبهم تبدو سيئة للغاية.
وهناك في الأراضي الإسرائيلية أجد شيئاً من روح الحياة والحرية، أجد شيئاً يشبهني منذ طفولتي.
أخبرك بصراحة أن هناك حب بيني وبين الروح اليهودية في أرضي منذ أن فتحت عيني على الحياة وجدتها، أنا أؤمن أن هناك الكثير من اليهود الجيدون، رغم وفرة السيئون، ورغم كل شيء سيء، ما زلت أؤمن أن الروح اليهودية تملك الكثير من الحب والسلام، فلا تحكم على ملايين اليهود أنهم سيئون، لأن هؤلاء اليهود السيئون نشيطون للغاية في البلاد!
حلّ الشتاء، وأريد استعادة حريتي. أريد أن أتجول في الشوارع والأزقة تحت المطر والريح والعواصف، حاملاً زجاجة خمري معي، أتمشى وأستمتع بالأجواء على طريقتي الخاصة. أعشق شاطئ البحر شتاءً أيضًا وأعشق الثمالة هناك والتأمل.
![]()



إرسال التعليق