
بعد الموت، ليس كل شيء مرتبطًا بالضرورة بموت الجسد، مع أن أحدًا لا يعلم يقينًا ما يحدث بعد الموت، إلا أن هناك وجودًا معقدًا، والوجود نفسه غير مفهوم، مما يجعلنا نعتقد ونشعر أن ليس كل شيء ينتهي بالموت. هناك بالتأكيد أسرارٌ وخفايا نجهلها، مما يجعلنا نشعر بوجود أشياء تتجاوز إدراكنا ومعرفتنا، لمجرد محدودية إدراكنا ومعرفتنا، هذا يُبشر بوجود الخير بعد الموت.
في تجاربي الشخصية مع العالم الروحي، التقيتُ بسكانه، ولديّ شكٌّ بأنهم مجرد أرواح بشرية تطفو في هذا العالم، وتدخل عالمنا عبر منافذ خفية، ليسوا بالضرورة أرواحًا مختلفة عن البشر، فهم يشبهون الروح البشرية، ويتحدثون لغتها، ويتشاركون المشاعر وأسلوب الكلام. بمجرد إدراكك لهذا العالم الروحي الخفي، تشعر بوجود ألغاز ناقصة في معرفتنا وفهمنا له، حتى من منظور علمي، لا نستطيع دراسة هذا العالم الروحي، ولكن من خلال تجربتي الشخصية، يمكننا لمسه، ولأنني ألمسه، أستطيع أن أؤمن وأشعر بأن بداية ونهاية كل شيء لم تكونا في حياتي الحالية، بل ربما كنتُ موجودًا منذ عصور، وهذه ليست ولادتي الأولى، وربما أكون نائمًا في حلم في حياتي الحالية، وبعد الموت سأستيقظ في عالم آخر مختلف. كل مرحلة من مراحل روحي في الجسد قد تكون مجهولة لي وغير معروفة في كل ولادة جديدة، حتى لو مت مرات عديدة، لا أستطيع أن أتذكر روحي في جسد مختلف وعالم مختلف، هذا ممنوع.
كما وُجدتُ، سأُوجدُ مجددًا. ليس صحيحًا أنني مجرد جسد بلا روح، إن مسألة الروح واضحة وحاضرة، وكثيرٌ من الأمور تُثبت وجودها ووجود عالمها الغامض. ليس كل شيءٍ مُعلومًا لنا نحن البشر، فنحن عاجزون عن إدراك ومعرفة كثيرٍ من الأمور الأساسية، لمجرد عجزنا عن الإدراك والمعرفة، قد نستطيع توقع وجود شيءٍ جيدٍ بعد الموت، وعدمُ قدرتنا على إثبات شيءٍ ما لا يعني استحالته، وعدمُ قدرتنا على وضع كل شيءٍ تحت مجهر الأدلة لا يعني أن كل شيءٍ يحتاج إلى دليل، لمجرد قصورنا، هناك بالتأكيد أشياءٌ لا نعرفها، وعجزنا عن إثبات شيءٍ ما يعني أن هناك شيئًا وأشياءً لا يريد الوجود أن نعرفها.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
ليس من الخطأ أن نتمسك بالإيمان والأمل، إن كان الإيمان والأمل إيجابيين وطيبين، فلا ضير فيهما. فلنؤمن إذن بأن كل شيء على ما يرام بعد الموت، الموت ليس نهاية كل شيء، ولا ينبغي أن نخاف منه أو نخشاه. علينا أن نطمئن.
تجربتي الروحية تخبرني أن الموت ليس نهاية كل شيء، والأرواح تخبرني، نحن بشر مثلك، أسألهم كيف هي حياتهم في العالم الروحي، يقولون لي أن حياتهم جيدة، لا يخبرونني بكل شيء عن حياتهم، فقط القليل مما هو مسموح لهم، وليس كل شخص يتواصل مع تلك الأرواح، لقد رُفع الحجاب عني حتى أتمكن من رؤيتهم وسماعهم والشعور بهم، وهم يتحدثون معي في العديد من الأوقات، وبالتأكيد فإن رفقتي الروحية وتجربتي تثبت أشياء كثيرة، وتثبت أننا غير قادرين وجهلاء في معرفة العديد من القضايا الأساسية، وأن كل شيء ليس متاحًا لنا لتجربته علنًا.
لكن هذا العالم يبدو عجيبًا، خياليًا، وصادمًا أمام الأسئلة الوجودية الأساسية. ليس كل شيء مفهومًا، وليس كل شيء معروفًا، لا لي ولا للعامة، نحن نجهل حقيقة وجودنا، ولا نفهم البداية ولا النهاية. فكرة التساؤل الوجودي معقدة، إذ قيل إن هناك خالقًا له صفات غامضة ومتناقضة، هذا الخالق غير مفهوم، وقد لا يكون موجودًا، ومن كان موجودًا، فنحن لا نعرفه ولا نفهمه، ولا يتواصل معنا.
ختامًا، علينا أن نتحلى بالأمل والتفاؤل والإيمان الصادق، ذلك الإيمان والرجاء الذي يُلهمنا العزاء والراحة في محنة وجودنا، وأن نواجه مصير الموت بثقة، فلا نرهب ولا نخشى، فكل شيء سيكون على ما يُرام بعد الموت. فلنكن منفتحين على المعرفة، ونتقبل عيوبنا في مواجهة المعرفة والمجهول، ولا نكون متعصبين ومتطرفين، فنحن جميعًا متجردون لأجل الحقيقة، وبالتجرد نتعلم ونعرف.