هل أنا مجرد إنسان عادي؟ الطفل المقدس والظلال: حكاية العظمة والعودة إلى العقلانية
كنت قديمًا أشعر بالعظمة والقداسة، ولم أكن أعتبر نفسي مجرد شخص عادي. كنت أشعر في أعماقي أنني لست مجرد شخص عادي، وأنني أمتلك قوى خارقة للطبيعة لا يمتلكها غيري. حتى أنني غرقت في فصامي بسبب هذه الأفكار في مراحل عديدة من حياتي. كانت لدي معتقدات باطنية سرية مجهولة، وطقوس غريبة، ذات طابع سحري ورمزي. عشت فترات طويلة في حالة فصام بسبب هذه المشاعر، وكنت مبرمجًا على التعامل مع هذه الأفكار وقبولها إلى حد ما.
في الواقع، كنت أشعر أحيانًا أنني رسول مقدس لهذا العصر، وأن ما أملكه لا يملكه أحد غيري. كنت أعتقد أنه مع ولادتي عام ١٩٩٣، ظهر عصر جديد في هذا العالم، وأنني سيطرت على الأحداث وغيّرت مجرى الأمور. كانت لدي رؤية رمزية غريبة في حالتي الروحية وهذه المشاعر، رؤية غريبة للغاية، وسحرية، أعجوبية، وغير منطقية، اكتسبتُ مجموعةً من المعتقدات والطقوس، وعملتُ بها، لا أعرف مصدر هذه المعتقدات والطقوس، وكأنها غُرست في ذهني لسببٍ مجهول، طقوسٌ لا وجود لها في هذا العالم، ولا يعرفها الناس العاديون، بل ربما يجهلها بعض المجانين. كانت معتقداتٍ وطقوسًا ذات طابع سحري ورمزي، ومنهج عمل غريبٍ من نوعه، كأنها من عصور قديمة، أعطتني إيها روح خفية ما ذلك. انغمست في هذا لفترات طويلة من حياتي، لدرجة أنني بدأتُ أُظهر للعالم جانبًا غريبًا، مريض بعض الشيء، دونما حتى وعي من قبلي في بعض الأحيان.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
في ليلة باردة قبل نحو أربعة عشر عامًا، عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري، كنت أمرّ بحالة اكتئاب حاد، كان ذلك قبل أن تتشكل في ذهني مشاعر العظمة والقداسة، وأنني قديس ورسول، لم أستطع النوم، فسهرت بعد منتصف الليل، جالسًا في العراء تحت أمواج الرياح الباردة والأمطار، فجأة، أضاءت السماء بعشرات الأضواء الزرقاء والحمراء، أضواء لم يرها أحد سواي، وهبت أمواج من الرياح العاتية، وعندما هدأت قليلًا، هبّت موجة خفيفة لامستني، فشعرت بقشعريرة، ثم رأيت شبحًا طويل القامة من بعيد في الظلام، يتلألأ بأضواء رمادية شفافة، على هيئة إنسان بلا ملامح، ثم سمعت صوتًا يهمس في أذني، يقول لي: لديك شيء عظيم معي، وقد رسمت لك الطريق من هذه الليلة، أنت الطفل المقدس، وأنا معك منذ أن خرجت إلى العالم، وقد منحتك طريقًا عظيمًا. منذ ذلك اليوم، لم تفارقني الأرواح إلى يومنا هذا، خلال تلك الفترات من الشراكة مع هذه الأرواح، شكّلت فيّ هذه الطقوس والمعتقدات السرية الغريبة، وعملت وفقًا لهم ووفقًا لها لسنوات عديدة من حياتي، قبل أن أستعيد وعيي وعقلانيتي، وأزيل غيوم هذا الطريق عن كتفي، وأعود إلى الواقع، وأفكر بشكل أكثر واقعية ومنطقية، فمنذ وقت ليس ببعيد، ابتعدت عن هذا الطريق، وبدأت لا أهتم بهذا التفكير، وبدأت أتصرف بشكل منطقي وطبيعي، وأنني مجرد إنسان عادي مثل أي إنسان آخر، وأزلت هذه الأفكار من مخيلتي، ونسبتها إلى الهذيان والوهم الانفصامي، وأنها ليست جزءًا من الحقيقة، وأن هذه الصورة في مخيلتي خُلقت لي وخلقت خيالًا تلو الآخر، ولا شيء حقيقي.
لا أعرف جوهر القصة تمامًا، لكن الأمر يبدو كما لو أن العالم كله كان في مخيلتي قبل أن يكون، وكأن كل ما مررت به كان جزءًا من خيالي، وأنني كنت أعرفه قبل حدوثه. هل يُعقل ألا أكون مجرد شخص عادي؟ هل يُعقل أن يُشير هذا الجزء من حياتي إلى صورة مختلفة للواقع لا أستطيع معرفتها؟ لماذا زُرعت هذه الأرواح والأفكار فيّ؟ لماذا تصرفتُ بناءً عليها، ومارستُ طقوسًا ومعتقدات غريبة ومجهولة لا يعرفها أحد؟ هل يُعقل أن يفعل الفصام هذا من تلقاء نفسه، مع أن هذه الأفكار ليست جزءًا من طفولتي أو عقلي؟ لقد جاءت جديدة على ذهني.
قد يكون هناك سرٌّ وأسرارٌ عن الروح التي تُرافقني وعن وجودي الروحي والوجودي في هذا العالم، قد يكون لي هدفٌ سامٍ ونبيل ومقدس في هذه الحياة، قد لا أكون شيئًا عاديًا، ربما أملك شيئًا لهذا العالم، والصورة لم تكتمل بعد، ربما تتضح هذه الصورة في المستقبل، أو ربما أكون مجرد ضحية لروح شريرة تحاول اختطافي بكل الوسائل بعيدًا عن الواقع والحياة، ربما أكون مجرد إنسان عادي كأي إنسان آخر، لا قيمة لي في هذا العالم، ولا علاقة لي به من هذا المنظور. لكن ربما أكون مخطئًا، فلا أحد يعرف الحقيقة بعد، كما لا أعرفها أنا أيضًا.
![]()



إرسال التعليق