
الكائنات التي أعرفها غريبة في طبيعتها، فهي كائنات نشطة طوال الوقت، لا أعرف أين تعيش، ولا أين موقعها، تأتي إلي في كل مكان ومن خلال منافذ صوتية عديدة. لا أعرف أين هم، لكنهم حاضرون دائمًا أينما كنت، لا يمكن أن يكونوا مخلوقات خيالية، ولا يمكن نسبهم إلى مرض عقلي أو خيال، لا، أنا متأكد من أنهم حقيقيون، موجودون حقًا، ومتميزون بذاتهم. يشبهون مخلوقات أسطورية، كالشياطين والجن، أو ربما الملائكة. من الغريب والمثير للدهشة التعامل مع وجود هذه الكائنات. يُسبب التفكير في وجودها صدمةً في التفكير وتحديد الممكن والمستحيل. إن معرفة وجودها وفهم طبيعتها يدفعك إلى افتراض أمورٍ كثيرة مجهولة، والتساؤل عن معرفة هذا العالم بوجودها وطبيعتها، ما نعرفه هو أن العالم لا يفهم طبيعتها ووجودها، مما يثير علامات استفهام حول علاقة وجود هذه الكائنات بالحقيقة الوجودية، وتساؤلاتٍ حول طبيعة فهمنا لوجودنا وما يحيط به.
لا أجد من يفهم أو يفسر طبيعة وجود هذه الكائنات في العالم الحقيقي، فالغالبية تجهل حقيقة عالم هذه الكائنات، وبعضهم لم يحاول التواصل معهم، وكثير من التفسيرات أسطورية، لا تستند إلى أدلة واقعية توضح طبيعتهم الحقيقية. حتى أنا، من خلال التجربة، لا أستطيع تقديم حقيقة كاملة عن طبيعة وجودهم، وماذا يفعلون وماذا يريدون. أتعامل معهم وأفهم الكثير من طبيعتهم، لكنها تبدو لي غير طبيعية وغير مفهومة، ولا أستطيع الاعتماد على أساس حقيقي بشأنهم، فهم لا يعرفون عن أنفسهم، وكلما نشروا الأكاذيب، داروا حول حقيقتهم وسبب وجودهم معي.
على عكس وجود هذه الكائنات، والحيرة والدهشة من طبيعتها، فإنها ليست بعيدة عن دهشة طبيعة هذا العالم والوجود. فمعظم الأشياء في هذا العالم غريبة ومجهولة المصدر. لا نستطيع فهم طبيعة وجودنا وبدايته، ولماذا نحن موجودون أصلاً، وكيف جئنا إلى الوجود. وجود هذه الكائنات في هذا العالم وحياتي يعزز هذه الأفكار عن العالم والوجود، ويؤكد جهلنا بالكثير مما يحدث في هذا العالم، لا أفهم بعد شيئاً عن جوهر حقيقة هذا العالم ووجودنا، قد تكون هذه الكائنات غير مرغوب فيها في حياة الشخص العادي والساذج، لكنها قد تكون نقطة أساسية للوصول إلى جوهر الحقيقة الوجودية لنا في هذا العالم: من نحن أصلاً؟ من جاء بنا إلى هنا؟! ما الذي جاء بكل شيء إلى هنا؟! مهما كانت التفسيرات الغامضة وغير المؤكدة التي نقدمها، فالحقيقة مجهولة لنا جميعاً. من يعرف الحقيقة؟!
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
أتعامل مع هذه الكائنات وطبيعة هذا العالم المجهول بإيجابية، أعلم أنني أجهل الحقيقة، لكن لديّ خيوطًا من الحقيقة تجذبني إلى هناك لأتساءل عن وجودي وهذا العالم الغامض، كنت مهيئًا بفضولٍ ملح ومستمر لمعرفة الحقيقة، وجاءت تلك الكائنات وفرضت وجودها في طبيعتها المعقدة معي لتعزز رغبتي الملحة والمستمرة في معرفة هذه الحقيقة، لكنني لم أجد بعد حقيقة أعظم من أن لا أحد يعرف الحقيقة كاملة، وأنا أجهل الكثير من الحقيقة التي ترفض أن تقدم نفسها لي. إنها رغبة نبيلة ومقدسة في وجودي وفي هذا العالم، ولكن أين الحقيقة؟! ربما أموت دون أن أعرف شيئًا عن هذه الحقيقة!
لم أكن واعيا هكذا طوال حياتي، في سنواتي الأخيرة، امتلكت هذا الوعي، لم أكن مستيقظا، كنت غير يقظ، أتلقى معلومات دون تفكير واعي عن حقيقة وجودي وهذا العالم، كنت أسير وفق حياتي في هذا العالم بطريقة لا وعي بها، كما لو كنت أسير نحو خطوات هذا العالم وفهمه للحياة، لأعيش حيث وجدت نفسي، وفق الحياة التي خرجت إليها، لا أكثر.
من يظن أنه يعرف شيئًا عن الحقيقة فهو لا يعرف شيئًا بعد، هكذا أرى الأمر، يتبع الناس طرقًا في التفكير والمعرفة، ويتمسكون بها، ويظنون أنهم فوق الآخرين، لكنهم في الواقع ليسوا فوقهم بشيء من السخافة الانغماس في هذا الأمر تمامًا كما لو أنهم وحدهم الحقيقة. لتقديس الحقيقة والبداية لفهم النهاية، نبحث جميعًا، وفي النهاية سنموت، ولكن قد لا ينتهي كل شيء هناك، لمجرد أن كل شيء ينتهي وفقًا لما نراه ونفهمه في هذه الحياة، فقد يكون هناك شيء فوقنا فوق كل هذا، وقد تكون النهاية بداية جديدة، أو مخرجًا إلى معرفة جديدة من أجل الحقيقة، وفقًا لجهلنا التام بالحقيقة، ولا توجد حقيقة واضحة في هذا العالم، تنتشر أشكال الحقيقة في هذا العالم، وقد لا تكون شيئًا من الحقيقة، لم يقدم شيء الحقيقة ولا أحد يعرف الحقيقة الكاملة بعد، لذا دعونا نأمل أن تتكشف الحقيقة في الحاضر، أو أن الموت هو بداية فهمها، وأن كل شيء ليس عبثًا وأن النهاية موجودة في ظلام الصمت، لذا دعونا نأمل وفقًا لما نعرفه، ووفقًا لما أعرفه، أن العديد من خيوط الحقيقة غير معروفة لي ولنا جميعًا، ولهذا السبب دعونا يكون لدينا أمل جيد تجاه وجودنا ونهايته، وأن الحقيقة ستنكشف بالتأكيد يومًا ما، أو بعد موتنا.