من مفترق غوش عتصيون: وهم “البطولة” وواقع “الحماقة”: قراءةٌ في جدوى العمليات الفردية
بالأمس، كنت عائدًا إلى منزلي بعد نزهةٍ ثملةٍ في الشوارع والأسواق، حينها وقع حادث أمني على بعد أمتار قليلة مني بالقرب من مفترق غوش عتصيون. تلا ذلك دهسٍ وطعن وإطلاق نار، مما استدعى تعبئة شاملة وإغلاقًا لجميع الطرق. علقت في زحمة مرورية خانقة، أعادت إلى ذهني ذكريات ما يسميه الفلسطينيون “عمليات”. صدمت لرؤية من حولي يهللون بالفرح ويتبادلون أخبار الحادث على هواتفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأن هؤلاء أبطال أو رجال يستحقون الفخر والاحترام وكذلك صفة الشهداء المرتبة المقدسة لديهم!. ماذا يظن ذلك الفلسطيني نفسه فاعلًا؟ عندما يُقدم على القتل والانتحار في حادثٍ أمني لا أهمية له، حادثٌ لا يغير شيئًا سوى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني في تلك المناطق، لا يحقق شيئًا. أفعاله تفتقر إلى الذكاء والفعالية والنتائج، كما لو كان من فعلها مضللا وغبيًا. كل من يقدم على الانتحار بهذه الطريقة لديه اضطرابٌ عقلي، ونقصٌ فكري، وعقلية جاهلة. هل يُريد الجنة والشهادة؟ أم يُريد الانتقام لما يحدث لشعبه؟
رأينا هؤلاء الذين أشادوا بهذه العمليات في أقصى جنوب البلاد، أولئك الذين يسمون أنفسهم حماس وأمثالهم. لقد ارتكبوا أعظم عملية في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته. ماذا جنوا لشعبهم؟ اليوم يستسلمون، ويقبلون التنازل عن السلطة وتسليم السلاح. لقد دمروا شعبهم وبلدهم بالكامل. لا بد أن هؤلاء الناس قد خدعوا بفكرة الجنة والشهادة، ولا يكترثون بعواقب ما يفعلونه بشعبهم. إنهم حقًا لا يكترثون برأي ومصير شعبهم. يجدون وسيلة للانتحار مبررة دينيًا وعقائديًا واجتماعيًا وسياسيًا أيضًا. يجدون أن اليهودي أمامهم خيار جيد للانتحار ومغادرة هذه الدنيا، لا أكثر. ربما لا يدركون تمامًا ما يفعلونه، لأن الشخص الواعي واليقظ والذكي لا يفعل ما يفعلونه، ولا يفعل شيئًا على طريقتهم. من الواضح أنهم مجرد مرضى في هذا المجتمع المليء بالأمراض. المقتول بالأمس رجل يهودي يبلغ من العمر 71 عامًا، كان يتسوق من المتجر الكبير الواقع في تلك المنطقة من مجمع المستوطنين في غوش عتصيون لربما، عائدًا إلى منزله متكئًا على عكازه بسلام، عندما دُهس فجأةً وطُعن. هل هذا شرفٌ في القتال والمقاومة والقضية؟ مواطنٌ شيخٌ ضعيف، يقتلونه لأن أيديهم الحمقاء طالته كفريسة سريعة متاحة. هل هذه مقاومة أم شرف قضية وشعب؟ هذا عارٌ عليهم وعلى شعبهم، هؤلاء الملعونين.
يمكنك متابعة آخر كتاباتي على الفيسبوك من خلال النقر هنا
حتى لو قلنا إن اليهود ما زالوا يسيئون معاملة الشعب الفلسطيني، وإن هؤلاء المستوطنين، بهجماتهم الشرسة منذ ما يقرب من عامين، يستحقون الرد والمقاومة، إلا أن الأمور لا تُحل بهذا النهج الأحمق. أعتقد أن هذا يزيد الطين بلة. هؤلاء الجنود والمستوطنون أقوياء وماكرون في حربهم ضد الفلسطينيين؛ إنهم لا ينتحرون مثل الفلسطينيون. أعتقد أن الشعب الفلسطيني، في هذا الوضع، لا يزال في موقف ضعف. يجب أن يسعى للسلام والحوار؛ يجب أن يسعى لحل سياسي سلمي مع اليهود. لا بد أن اليهود قد قبلوا هذا، وأعتقد أن عليهم قبوله مرة أخرى. لقد منح اليهود هذا الشعب المريض فرصًا كثيرة، لكنهم رفضوها باستمرار. يعتقدون باستمرار أنهم مضطهدون ومحتلون، مما يزيد من ظلم ووحشية الاحتلال ضدهم، ويجرّهم إلى الجحيم. لقد أتيحت لهم فرص كثيرة، لكنهم رفضوها. يقع اللوم على الفلسطينيين على كل ما يحدث في هذه البلاد. يظن الفلسطينيون أنهم أقوياء، لكنهم عاجزون تمامًا، ويرتكبون حماقات كثيرة! يا للعجب!
![]()



إرسال التعليق